حوار مع الذات ..

@_-_-LAMIS@_-_- السبت نوفمبر 17, 2007 10:16 pm

...وانتصف العمر يا عبد الحميد ..وها قد أعلن الشيب الحرب على سواد شعرك ..وبدأ الغزو ..وغدا اللون الأسود مقاوما ..وصار المد الأبيض مكتسحا جل ثغور الخصلات ..لم تعد تجدي كل محاولات إخفاءه الفاشلة ..فقط نظرتك الحادة الثاقبة مثل صور ممثلي الزمن الجميل ..هي المتبقية من كل ماضيك الذي طوته السنين ..ترى ما الذي رماك الليلة على شاطئ الذكريات ؟ ولماذا تتصفح صور الطفولة والمرحلة الشبابية ؟ أم تراك تنبش في ذاكرة الزمن عن لحظة الحسم الفارقة في حياتك لتعيد تلمسها ومعها تطرح تساؤلات لو ....؟ ...ماذا يا عبد الحميد ؟ لا تتكتم ! أعلنها صراحة أمام الملأ..ربما ..لا لا تقل ربما ...!

..انظر لهذه الصورة ...نعم هذا أنا في فترة الدراسة الإبتدائية..كنت من النجباء دوما ..لم أحِد عن المراتب الثلاث الأولى أبدا ..وهذه ؟..هذه مع رفاق حينا ..أول مشاركة لنا في دوري رمضان لكرة القدم المصغرة ..فزنا به طبعا ..ولا زلت أذكر الأهداف التي سجلت ..آه كم هو رائع طعم الفوز ! ...وهذه ؟ ..هذه في ساحة الكلية بمرتيل / تطوان ..ومن هؤلاء حولك؟ ..يا لسخرية الأيام ..هذه حلقة من حلقات الجامعة ..وهؤلاء مزيج من "الرفاق" و "الإخوان" واللامنتمين ..كنت دوما من دعاة التقارب والحوار ..أعترف الآن أني لم أحققه أبدا هناك إلا ناذرا ..يكفيك شرف المحاولة ..وهذه ؟ من تكون ؟ هذه ...ألا تعرفها ؟ ههههههههههههه إنها .... ...جميلة أليس كذلك ؟ فقدت أظافرها الآن لون الطلاء واستبدلت مظهرها الأنيق بمكنسة الأعباء المنزلية اليومية ...لكنها لا زالت تحتفظ بنور وجهها وملامحه الملائكية ...وهؤلاء الثلاثة ؟ لا تقل هم أبناؤك ! ..بلى عزيزي هم كذلك ...ياااااه كيف تبخرت كل هذه السنين من عمرك ؟ ألم تكن يوما تفكر بالهجرة إلى الغرب والعيش هناك ؟ ألم تكن قد وضعت أوراق طلبك وجواز سفرك لدى القنصلية الهولندية سنة 1990 كي تحصل على التأشيرة ؟ ماذا حصل ؟ وكيف تعثر حلمك وفقد حالك ذاك البريق ؟ ...كفى أسئلة يا عزيزي ...كفاني ما أعانيه ..فقد أثقلتني الحياة بالمطالب ..هذا يريد حذاءًا وهذه تريد فستانا ..وتلك تنتظر حليبا ..والزوجة تعد لائحة الطلبات العادية ولكن اللامتناهية ..إيه يا عبد الحميد ! لم تعد تقوى حتى على نفث هواء التضجر ..أ تأقلمت مع الوضع ؟ أم أن الحياة لم تعد تترك لك حتى فرصة لأخذ النفس ؟ ولماذا لا تقل يا عزيزي إنها سنة الحياة ؟ ..تبتدئ حياة الواحد منا على طاولات الدراسة ..وتمر عبر ممارسة الرياضة المفضلة ..ليتوسطها اختيار شريكة الحياة ..فأطفال وتبعات وكد وسعي على الأسرة ..نعم إنها كذلك عزيزي.. سنة الحياة ..أتدري يا عبد الحميد ..أنت محظوظ لأنك وجدت من يستمع لآهاتك بعيدا عن أنظار أطفالك ..فانفث ما شئت هنا واستعد لجولة جديدة من المطالب ..ولا تنس أن تلملم صور ماضيك العتيقة كي تبدأ رحلتك من جديد ...بنفس أطول